الاثنين، 7 أبريل 2014

أعترف ..لقد خدعني اندريس انيستا ؟!

.
.
.
.


أشعر بألم شديد في قدمي وهناك لون غريب في اصبع قدمي اليمنى .. قاتل الله كرة القدم!

.
.
.
.
.


عندما كنت أدرس الابتدائي والمتوسط كنت هداف خطير ورأس حربة مخيف يحسب له الخصوم ألف حساب ومن دون تسخين ولا تمارين إطالة كنت ألعب يومياً ساعتين أو ثلاث بدون ملل ولا كلل ولم اشتكي من ألم العضلات أو أطلب راحة بين مباراتين , ولو رأيتم ملعب المدرسة الرملي المُطعّم بالأحجار وملعب الحارة ذو المرمى المصنوع من الأحذية لعرفتم بأننا أعظم من البرازيليين عشقاً لكرة القدم , هناك كنت رونالدو المدرسة والحارة بلا منازع .... رونالدو الحقيقي طبعاً الظاهرة البرازيلي!


انتهت تلك الحقبة الذهبية بحادثة مأساوية عندما سقطت من فوق شجرة ذات ارتفاع شاهق في منطقة الباحة لينكسر مشط  قدمي وأعلن اعتزال كرة القدم و من دون حفل اعتزال!

كثير هم اللاعبين الذين يتعرضون لإصابات خطيرة ويعودون للساحرة المستديرة ولكن قصتي تختلف فقد عانيت كثيراً بسبب هذا الكسر, تخيل أني سقطت من فوق شجرة في مكان نائي يبعد عن أقرب مستشفى تقريباً 80 كيلو متر وفي طريق جبلي وعر عندما نقلت للمستشفى كانت كل حركة بالسيارة تعني تحرك لكل جزء في السيارة بما في ذلك مشط قدمي المكسور ولك أن تتخيل الآلم!!

 وصلت طوارئ "مجزرة" مستشفى الملك فهد بالباحة وأنا أشلاء انسان ليضع "جزار" يرتدي معطفاً طبياً على قدمي شاش ويعطيني مسكنات ويطلب مني العودة للبيت ! لأعود وأقاسي الآلم عدة أيام حتى قررت العودة مرة آخرى  للمستشفى فيقرر الدكتور بأن وضعية الأصابع خطأ وأنه يجب تعديلها لتجبر بشكل صحيح فيقوم بسحبها بقوة وأقوم بصرخة مزلزلة تحولت مع التراكمات إلى تسونامي أغرق شرق آسيا لاحقاً والله أعلم !

قبح الله تلك الإجازة ما أبشعها

بعد كل تلك المعاناة أبتعدت عن أي شيء قد يعيد لي تلك الآلام فتركت كرة القدم وأي جهد بدني متهور وبالمختصر صرت خوااااااااااف L

ولسد ذلك الفراغ في حياتي اتجهت للقراءة والكتب والفكر وتنقلت بين مدارس عدة ,الدين ثم الشعر ثم التاريخ ثم الفكر ثم علم الاجتماع ثم الروايات وأخيراً الفلسفة ولا أخفيكم بأني كنت مقل جداً في آخر مدرستين لأني ملول وهي تحتاج إلى صبر كبير وبالتحديد الفلسفة كانت ولا تزال علم نظري ممل ولكنه بطبيعة الحال مفيد وهو أحد أهم مصادر تطور العالم وتقدمة.


لم أتوقع في يوم أن أرى الفلسفة تطبق عملياً حتى رأيت أحد عشر رجل يتفلسفون في ملعب يقال له "الكامب نو" ويلبسون اللونين الأحمر والأزرق و يسمونه "بلوغرانا" ويقودهم شاب غائر العينين حسن الخلقة تقاسيم وجهه مرهقة يقال له "بيب غوارديولا" !

نعم انه برشلونة ولكن ما الذي حدث وما الذي تغير؟ لازلت أذكر برشلونة ريفالدو كالحلم وشاهدت قليلاً بعض فنيات رونالدينهو وسمعت عن فتى ذهبي قصير يقال له ميسي ولم أكن غريباً عن كرة القدم فقد كنت نصراوياً محنكاً لي مع الهلاليين معارك طاحنة ولازلت أذكر مدريد زيدان وفيغو و راؤول وبيكهام والظاهرة رونالدو الحقيقي عندما اجتمع الاساطير وفشل النادي!

 لكن ما رأيته مع برشلونة الحالي شيء مختلف تماماً أعتقدت أن كرة القدم فعلاً تغيرت وأن العالم قرر أن يلعب كرة قدم جديدة ساحرة ولأقطع الشك باليقين قررت مشاهدة أندية أخرى تلعب فلم أجد شيئاً تغير ويا لسعادتي عندما رأيت ديل بييرو وتوتي لا زالا يلعبان.

إذا ما الذي تغير يا برشلونة وما الذي جعل مباراة كرة قدم تتحول إلى درس فلسفي عملي فخم في أرض الملعب يسمونه "تيكي تاكا" وكيف أجتمع ميسي وانيستا وتشافي وبوسكتس في نادي واحد وفي زمن واحد؟ هذا ظلم يا رفاق!

أمرين لم يفارقاني طيلة تلك الفترة وهما الدهشة والمتعة وعند متابعة تفاصيل النادي عرفت بأنه أكثر من مجرد نادي!

عندما أذكر برشلونة أرى وجوه المتعصبين مكفهره فعرفت أن النادي بقدر ما أبدع وأمتع المحبين والخصوم بقدر ما أوجع المتعصبين وكارهي الجمال والأناقة !

وحده انيستا الذي أعادني إلى ممارسة كرة القدم ذلك الفتى الاسباني ذو الملامح البريئة والقسمات الطفولية عندما يلعب يخيل إليك بأن كرة القدم سهله !

بالنسبة لي كانت كرة انيستا أسهل من تحضير الأندومي! هكذا كنت أظن سامحوني لقد كنت أحمق !!

عدت لألعب كرة القدم مع بعض الزملاء في ملعب كرة قدم حقيقي يتسع لأربعة عشر لاعب , قبل المباراة يطير بي الخيال إلى الكامب نو وجمال كرة انيستا وعندما ألعب يصدمني الواقع بأني لست إلا فرناندو توريس في الستانفورد بردج ! مع كامل الاعتذار للنينو وجماهيره.

لعل هذا الإخفاق سببه طول البعد عن ممارسة كرة القدم ...هكذا كنت أمني النفس! لكن الحقيقة المرة تأتي بعد كل مباراة وتمرين ألعبه عندما أرى الحسرة على وجوه زملائي في الفريق وأنا أضيع الهجمات واحدة تلو الأخرى! وبعد عدة أشهر من خيبات الأمل ومن مطاردة سراب اللعب على طريقة انيستا تم الاستغناء عن خدماتي في الفريق ! ولا زال في داخلي صوت يقول انتظروني قريباً سأخرج لكم انيستا الذي بداخلي ولكن قدر الله وما شاء فعل.

بعد مدة جاءني عرض من زميل أخر لمشاركتهم اللعب وفي ملعب أفضل , حاولت الرفض ولكن مع كل مباراة لبرشلونة أتساءل (ما الذي يفعله هذا الانيستا ولا استطيع فعله؟ هو يضرب الكرة بقدمة بكل هدوء ويلف جسمه حول الكرة واللاعبين بأريحية تامة! أتخيل نفسي مكانه وأفعل ما يفعله.... يا للسهولة ,لماذا لم اقدر على فعل هذا في الملعب؟) يتحرش بي هذا الانيستا فأقول ربما الأجواء سابقاً لم تساعد والآن مع الملعب الجديد المزروع عشب طبيعي وليس صناعي كالأول يمكن أن أقدم شيء مما أتخيل أنني أملكه بعد مشاهدة انيستا !

عدت ولكن لم يتغير شيء ... فقد خرجت بإصابة وألم في قدمي ولون غريب في أصبع قدمي اليمنى!

يا رفاق لا يخدعكم أنيستا لأن كرة القدم ليست بهذه السهولة


أترككم مع غيض من فيض للرسام انيستا

منك لله يا أندريس 

0 التعليقات :

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة